-
Notifications
You must be signed in to change notification settings - Fork 0
/
Copy path(68:687). Gharib al-Quran, Abd Allah b. Abbas.txt
65 lines (50 loc) · 5.46 KB
/
(68:687). Gharib al-Quran, Abd Allah b. Abbas.txt
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
بسم الله الرحمن الرحيم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم
الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم
يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب.
وحثه على تعلم العربية في أول رسالته، فهو مقتضى منصبه وعظم جلالته، ولا
حاجة إلى الإطالة في الحث عليها. فالعلماء مجمعون على الدعاء إليها، بل
شرطوها في كتبهم واتفقوا على تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات.
وفي العلم: كان حبر الأمة الإسلامية، وترجمان القرآن العظيم، وذلك كان
لقبه، وحقا كان يستحقه. فهو ذو المعارف الواسعة، والقلب الذكي، والعقل
المستنير.
أحب العلم واندفع إليه، وأحس أنه للعلم مخلوق. فمنذ أن أدناه منه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وربت على كتفه
وقال داعيا: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»
بعدها انطلق ابن عباس بقلبه الواعي، وذهنه الصافي، وحافظته الخارقة،
سالكا طريق العلم، فلم يضع من طفولته الواعية يوما دون أن يشهد مجالس
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ويحفظ أقواله، ما جعله في يوم من الأيام
رباني الأمة الإسلامية، وأعلمها بكتاب الله، وأفقهها بتأويل آياته، وأقدر
المفسرين على النفوذ إلى أغواره، وفهم مراميه وأسراره، مما بوأه بين
الصحابة مكانا مرموقا، فكان أكثرهم تفسيرا. ولأن معرفته وحكمته كانتا أسرع
نموا من عمره. فقد نال في شبابه الغض حكمة الشيوخ وأناتهم، وعقل الخبراء
وحصافتهم مما جعله موضع احترام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
الذي كان حريصا على مشورته في كبير الأمور وعظيمها، وكان يلقبه ب (فتى
الكهول) .
وباللسان السؤول، وبالقلب العقول، وبتواضع ابن عباس ودماثة خلقه صار حبر
الأمة أو بحر الأمة «6» وموسوعتها الحية. فهو الذي يحدث عن نفسه فيقول: إن
كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعن حرصه على حيازة العلم وأدبه في تعلمه.
ولما حاز ابن عباس ما قصد إليه من العلم تحول إلى معلم يعلم الناس، فيعظ
العامة، ويعلم الخاصة، فكان بيته جامعة، فيها تلقى كل العلوم لكن ليس فيها
إلا أستاذ واحد، أستاذ موسوعي يجد عنده الطالب كل ما يريد.
وما نسوقه في هذا الكتاب من مسائل، مظهر آخر من مظاهرة قوة الرجل في علمه
وحجته، وما كان لابن عباس من الثروة العلمية بأقل مما له من ثروة الخلق
والكرم، وسخاؤه بالمال لم يكن بأقل من سخائه بالعلم.
يقول عنه أحد معاصريه: ما رأيت بيتا أكثر طعاما ولا شرابا ولا فاكهة ولا
علما من بيت ابن عباس.
تخلق ابن عباس بأخلاق الإسلام، وتمثل آداب العلماء، فكان طاهر القلب، نقي
النفس لا يحمل ضغنا لإنسان، يتمنى الخير لكل مخلوق. يقول عن نفسه: إني لآتي
على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعا علموا مثل الذي أعلم، وإني
لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل ويحكم بالقسط. فأفرح به، وأدعو
له، ومالي عنده قضية، وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به، وما
لي بتلك الأرض سائمة» .
ولقد بلغ ابن عباس من مجد العلم مبلغا سارت بحديثه الركبان. فقد روي أن
عبد الله بن عباس الذي ليس له صولة ولا إمارة، خرج حاجا في سنة خرج فيها
للحج خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان. فكان لمعاوية موكب من رجال
دولته، أما ابن عباس فقد كان له موكب من طلاب العلم يفوق موكب الخليفة.
ولعل من أهم أسباب تفوق ابن عباس نشأته في بيت النبوة لعظيم الأثر فيما
بلغه
من العلم والفهم، فنشأته تلك تعني ملازمة دائمة للنبي صلى الله عليه
وسلم، يضاف إلى ذلك ملازمة ابن عباس لأكابر الصحابة بعد وفاة المصطفى يتعلم
منهم، ويعرفونه من أسباب النزول وتواريخ التشريع ما لم يعرفه لصغره.